مع دقات الساعة الثانية عشرة من منتصف ليل اليوم أكون قد أكملت الثلاثين عاماً، وهي المرة الثانية التي "أحتفل" فيها بعيد ميلادي، الذي يوافق الثامن والعشرين من فبراير 1978، خارج مصر؛ حيث احتفلت به العام الماضي مع بعض أصدقائي هنا في العاصمة الإماراتية أبوظبي، ولكني اليوم قررت أن أحتفل به بطريقة مختلفة من خلال الجلوس أمام مدونتي البسيطة وكتابة بعض الخواطر التي تدور في ذهني وأنا على أعتاب العقد الرابع من العمر.
****
دعوني أتساءل أولا هل كلمة "احتفال" مناسبة هنا؟ ولماذا يحتفل الإنسان بانقضاء عام من عمره؟ أليست هذه مناسبة للحزن لأن عاماً من عمره قد انتهى ورحل إلى غير رجعة!!! ثم لماذا يحتفل الشخص أصلا باليوم الذي ولد فيه؟ هل هو سعيد لأنه جاء إلى هذه الدنيا التي لا يعلم ماذا ستكون عاقبته فيها وبسببها؟ من منا لم يرتكب إثماً أو يحمل ذنباً يمكن أن يعاقب عليه يوم القيامة؟ من منا لم يعاني في هذه الحياة؟ لماذا إذن يحتفل باليوم الذي جاء فيه لها؟ إن هذا اليوم مدعاة لأن يقف فيه الإنسان لحظة تأمل، لينظر إلى ما مضى من عمره وما حققه وما فعله، ثم يتأمل المستقبل الغامض الذي ينتظره وما يمكن أن يحمله له، ثم يقرر بعد ذلك هل يحتفل أم يواسي نفسه!!!!!!!
*****
لقد أكملت اليوم الثلاثين عاماً.. أي أني أقف في منتصف العمر استناداً إلى حديث الرسول الكريم (ص) "أعمار أمتي بين الستين والسبعين".. النصف الأول انتهى ورحل ولا أكاد أتذكر منه الكثير .. النصف الآخر لا أعلم ماذا سيحدث فيه وإن كان مؤكداً أن سيمر بنفس المنوال لأجد نفسي وقد انتهي بي العمر دون فعل شيء.. انتهي دون أن أتذكر منه شيء.. هذا إن بقي أصلا ثلاثون عاماً أخرى وليس أقل فالعمر بيد الله.
***
أشعر اليوم وكأنني أودع مرحلة الشباب من دون أن أعيشها... ثلاثون عاماً مرت في زحمة الحياة دون أن أشعر بها... ثلاثة عقود انتهت ومازلت أحاول تلمس طريقاً واضحاً ومستقراً لي في هذه الحياة دون جدوى... نصف العمر انقضى ومازلت لا أعرف ماذا أريد من هذه الحياة..
****
لا أدري لماذا يسيطر علينا دائماً هاجس الخوف من المستقبل؛ فمع انقضاء كل عام ننظر بقلق وخوف للعام الذي سيأتي بعده.. إنه خوف دائم يسكن نفوسنا ويجعلنا لا نعيش اللحظة الراهنة حتى ولو كانت سعيدة.. يجعلنا لا نعيش اليوم ولا الغد الذي نخشاه.. كيف يمكن اقتلاع هذا الخوف الكامن في نفوسنا من المستقبل حتى نعيش حاضرنا ونتفاءل بمستقبلنا!!!!
***
دعونا من هذه الخواطر... فلنحاول أن نتفاءل بأن العام القادم سيكون بمشيئة الله أفضل.. دعونا نرفع شعار إن الحياة حلوة حتى لو كانت غير كدة..
كل سنة وأنا طيب؟!!
وانتو كمان طيبين